هل يتعاطف الأمريكيون مع الإسلام أم يعادونه؟
بمجرد الخروج من محطة المترو المواجهة للمساحة الضخمة التى كان يشغلها مركز التجارة كانت الإجابة عن تلك الأسئلة غاية فى السهولة، فهناك حالة من العداء للمسلمين والإسلام، وهو ما تجلى فى المئات من الناشطين الذى حملوا لافتات ورددوا شعارات تعادى الإسلام وتصفه بكل ما هو سلبى.
فدونالد المسيحى المتشدد يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتخلى عن كل معتقداتها المسيحية وتتسامح مع ممارسات ومعتقدات يراها شيطانية مثل الإجهاض والمثلية الجنسية والإسلام.
أما روبرت القادم من الجنوب الأمريكى المحافظ فيرى أن المسلمين ليسوا جميعا بالأشرار، لكن الأخيار منهم هم من لا يطبقون تعاليم عقائدهم. بينما يرى جورج وهو من قدامى المحاربين أن القول بأن جميع المسلمين إرهابيون لقول خاطئ، لكنه يشدد على أنه يرى أن أغلب الإرهابيين فى الوقت الحالى هم من المسلمين.
لكن ليزا لا تكن أى عداء للمسلمين أو الإسلام، لكنها تعارض فقط إنشاء المسجد بالقرب من تلك البقعة التى وصفتها بالمقدسة بالنسبة للذين لا يزالون يعانون من فقدان ذويهم منذ 9 سنوات.
لكن ومع السير لمدة 3 دقائق شمال شارع بارك بدت الصورة مختلفة تماما، ففى البداية كانت هناك مسيرة لمجموعة من الأمريكيين الذين يشككون فى الرواية الرسمية لأحداث الحادى عشر من سبتمبر ويشددون على تمسكهم بنظرية المؤامرة التى ترجع أن انهيار برجى مركز التجارة نتج عن انفجار داخلى لا أثر ارتطام الطائرات. وبينما كانت تلك المجموعة تخوض الكثير من النقاشات مع مواطنين أمريكيين مرت مسيرة لمجموعة من رهبان التبت تعبر عن تعاطفها مع مسلمى أمريكا وحريتهم فى إنشاء دور العبادة.
والتحمت مسيرة رهبان التبت بتظاهرة كبيرة لتأييد المسلمين. ولم يكن رهبان التبت هم وحدهم غير المسلمين فى التظاهرة. فقد كان هناك اليهود مثل ديفيد القادم من شيكاغو للتعبير عن معاداته للإسلاموفوبيا وسارة اليسارية المعارضة بشدة لليمين المسيحى الأمريكى. وكانت المسيحية حاضرة فى تأييد المسلمين سواء ليبرالية أو محافظة. فجينى التى يدفعها انتماؤها إلى طائفة "الأميش" المحافظة إلى رفض التقنية الحديثة ترفض أيضا حرمان المسلمين من حقوقهم الدينية. كذلك يرى جوشوا أن رسالة المسيح هى المحبة وبالتالى يجب على كل المسيحيين أن يحبوا حتى أعداءهم وأن يتقبلوا الآخر. كما كان هناك ملحدون ورافضون للأديان لم يمنعهم موقفهم السلبى من العقائد من التعاطف مع مسلمى نيويورك.
وهكذا بدأت الإجابة عن الأسئلة الخاصة بموقف الأمريكيين من الإسلام أكثر سهولة، فالتظاهرة المؤيدة للإسلام أكبر عددا من تلك المعارضة، لكن مع العودة إلى جنوب شارع باركر ازدادت الأمور تعقيدا.
فقد تجمع حشد كبير لا يقل عن عدد المشاركين فى التظاهرة المؤيدة للتعبير عن معارضتهم لبناء المسجد. ومثلما كانت التعددية الدينية والسياسية حاضرة فى تجمع المؤيدين فإنها لم تغب عن معسكر المعارضين. فقد وقف سيدة يهودية تحمل لافتة تسخر فيها من عمدة نيويورك اليهودى مايكل بلومبرج وموقفه المؤيد لبناء المسجد. كما وقف زوجان من الهندوس ينددان بالمسجد وكل ما له علاقة بالإسلام. كذلك علا صوت عجوز أمريكى يشدد على تمسكه بالمسيحية وهو الموقف الذى يجعله يعارض الإسلام، لأنه يدعو إلى القتل والضرب على حد قوله. ولم تكن مصر غائبة فى تلك التظاهرة. حيث وقف مجموعة من المسيحيين المصريين يحملون لوحة تندد بالـ"هجمات البربرية على الكنائس وعلى مسيحى مصر."
ويشير أشرف، الناشط القبطى، إلى أنه لم يأت هنا لمعارضة بناء المسجد، فهو يرى أن من حق المسلمين بناء دور العبادة الخاصة بهم، بل هو متواجد لجذب الانتباه إلى معاناة أقباط مصر من تعنت وظلم تمارسه الدولة المصرية والأغلبية المسلمة، ويشدد أشرف على أن مصر لم تعد محروسة، بل مختطفة من قبل التطرف والتشدد الدينى.
ومثلما تمتزج السياسة بالعقيدة فى حديث أشرف القبطى فإنها تفعل الشىء ذاته فى الخطب التى ألقاها الساسة والإعلاميين المعارضين لبناء المسجد، حيث استهل السياسى اليمينى المعادى للإسلام خيرت فيلدرز خطابه بالتشديد على أن نيويورك فى هذه اللحظة تمثل أمريكا والتى تمثل بدورها الغرب بأكمله، وأن نيويورك لم تجرم بحيث تستحق ما جرى منذ 9 سنوات فى تلك البقعة. ووجه فيلدرز سهام النقد إلى من يلقون باللوم على الولايات المتحدة وسياستها بوصفها السبب وراء الهجمات.
كما أشار إلى أن نيويورك بـ"تعدديتها الثقافية وتسامحها لا تنسجم مع شريعة الإسلام، وأن نيويورك بدون تسامح لن تكون نيويورك، بل ستكون مكة حيث لا حرية"، وقال فيلدرز إنه فى الوقت الذى يطالب فيه البعض بمسجد للمسلمين بالقرب من جراوند زيرو فإنه ليس هناك كنيسة واحدة فى السعودية، كما أنه غير مسموح ببناء كنائس فى مصر. أما جون بولتون أحد أبرز المحافظين الجدد فى إدارة الرئيس السابق جورج بوش والذى عمل كمبعوث الولايات المتحدة الأمريكية فى الأمم المتحدة فقد انتقد فى كلمته المسجلة بشدة الأمام فيصل عبد الرءوف، رئيس منظمة مبادرة قرطبة التى تقف خلف مشروع بناء المسجد، ودعا المسلمين إلى التخلى عن الفكرة. كما أعرب الإعلامى مايك جالاجهير عن امتعاضه حيال موقف الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى قال إنه لا يظهر أى تعاطف مع ضحايا الحادى عشر من سبتمبر وختم خطابه بالقول "عار عليك أيها الرئيس أوباما".
وهكذا فإن الحيرة كانت هى الإجابة النهائية حول السؤال عن موقف أهالى نيويورك حيال الإسلام ومشروع المسجد، ولكن هذه الحيرة تبدو أمرا طبيعيا، فالمجتمع الأمريكى مجتمع متعدد بطريقة لم تعرفها أى من الحضارات الإنسانية من قبل، ولهذا فإن الحديث عن تعاطف أو عداء أمريكى فيه الكثير من التعميم.
تواجد أمنى مكثف للشرطة فى نيويورك
متضامنون مع الإسلام
دعاة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين
متضامن مع أحداث 11 سبتمبر
جانب من المتظاهرين
إحدى اللافتات يرفعها المتظاهرون بمعنى الشريعة
المصدر
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=276838&SecID=12
No comments:
Post a Comment